للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ يُحِبُّهُمَا} وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُ مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا بِكَرَاهَتِهِمَا الْقِتَالَ فِي الْفِتْنَةِ؛ فَإِنَّ أُسَامَةَ امْتَنَعَ عَنْ الْقِتَالِ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ كَانَ دَائِمًا يُشِيرُ عَلَى عَلِيٍّ بِأَنَّهُ لَا يُقَاتِلُ وَلَمَّا صَارَ الْأَمْرُ إلَيْهِ فَعَلَ مَا كَانَ يُشِيرُ بِهِ عَلَى أَبِيهِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: {تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينَ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ} فَهَذِهِ الْمَارِقَةُ هُمْ الْخَوَارِجُ وَقَاتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَهَذَا يَصْدُقُهُ بَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ قَتْلَهُمْ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ الَّذِينَ قَاتَلُوهُمْ مَعَ عَلِيٍّ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابِهِ مَعَ كَوْنِهِمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ. فَلَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِتَالِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ كَمَا أَمَرَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ؛ بَلْ مَدَحَ الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمَا. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَرَاهَةِ الْقِتَالِ فِي الْفِتَنِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا. مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ كَقَوْلِهِ: {سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي} وَقَالَ: {يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ} .