للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالرَّجُلُ وَسَابِقَتُهُ وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ. فَكَانَ يُقَدِّمُ فِي الْعَطَاءِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ وَكَانَتْ سِيرَتُهُ التَّفْضِيلَ فِي الْعَطَاءِ بِالْفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ. وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْعَطَاءِ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَفْضَلَ فِي دِينِهِ. وَقَالَ: إنَّمَا أَسْلَمُوا لِلَّهِ وَأُجُورُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِنَّمَا هَذِهِ الدُّنْيَا بَلَاغٌ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: اسْتَوَى فِيهِمْ إيمَانُهُمْ - يَعْنِي أَنَّ حَاجَتَهُمْ إلَى الدُّنْيَا وَاحِدَةٌ - فَأُعْطِيهِمْ لِذَلِكَ؛ لَا لِلسَّابِقَةِ وَالْفَضِيلَةِ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّ أَجْرَهُمْ يَبْقَى عَلَى اللَّهِ. فَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْعَطَاءِ. وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ قَالَ: لَئِنْ عِشْت إلَى قَابِلٍ لَأَجْعَلَنَّ النَّاسَ ببانا وَاحِدًا. أَيْ: ماية وَاحِدَةً. أَيْ: صِنْفًا وَاحِدًا. وَتَفْضِيلُهُ كَانَ بِالْأَسْبَابِ الْأَرْبِعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا: الرَّجُلُ وَبَلَاؤُهُ وَهُوَ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِي قِتَالِ الْأَعْدَاءِ. وَالرَّجُلُ وَغِنَاؤُهُ. وَهُوَ الَّذِي يُغْنِي عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي مَصَالِحِهِمْ لِوُلَاةِ أُمُورِهِمْ وَمُعَلِّمِيهِمْ وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ. وَالرَّجُلُ وَسَابِقَتُهُ. وَهُوَ مَنْ كَانَ مِنْ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُفَضِّلُهُمْ فِي الْعَطَاءِ عَلَى غَيْرِهِمْ. وَالرَّجُلُ وَفَاقَتُهُ. فَإِنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ الْفُقَرَاءَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّهُ مَعَ وُجُودِ الْمُحْتَاجِينَ كَيْفَ يُحْرِمُ بَعْضَهُمْ وَيُعْطِي لِغَنِيِّ لَا حَاجَةَ لَهُ وَلَا مَنْفَعَةَ بِهِ؛ لَا سِيَّمَا إذَا ضَاقَتْ أَمْوَالُ بَيْتِ الْمَالِ عَنْ إعْطَاءِ كُلِّ الْمُسْلِمِينَ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ. فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْغَنِيَّ الَّذِي