للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَتَلْخِيصُ النُّكْتَةِ: أَنَّ الرُّسُلَ إمَّا أَنَّهُمْ عَلِمُوا الْحَقَائِقَ الْخَبَرِيَّةَ وَالطَّلَبِيَّةَ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوهَا وَإِذَا عَلِمُوهَا: فَإِمَّا أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُمْ بَيَانُهَا بِالْكَلَامِ وَالْكِتَابِ أَوْ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ وَإِذَا أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ الْبَيَانُ: فَإِمَّا أَنْ يُمْكِنَ لِلْعَامَّةِ وَلِلْخَاصَّةِ أَوْ لِلْخَاصَّةِ فَقَطْ. فَإِنْ قَالَ: إنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوهَا وَإِنَّ الْفَلَاسِفَةَ وَالْمُتَكَلِّمِين أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُمْ وَأَحْسَنُ بَيَانًا لَهَا مِنْهُمْ؛ فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ الْمُنَافِقِينَ. وَسَنَتَكَلَّمُ مَعَهُمْ بَعْدَ هَذَا؛ إذًا الْخِطَابُ هُنَا لِبَيَانِ أَنَّ هَذَا قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ وَأَنَّهُ لَا يَقُولُهُ إلَّا مُنَافِقٌ أَوْ جَاهِلٌ. وَإِنْ قَالَ: إنَّ الرُّسُلَ مَقْصِدُهُمْ صَلَاحُ عُمُومِ الْخَلْقِ وَعُمُومُ الْخَلْقِ لَا يُمْكِنُهُمْ فَهْمُ هَذِهِ الْحَقَائِقِ الْبَاطِنَةِ فَخَاطَبُوهُمْ بِضَرْبِ الْأَمْثَالِ لِيَنْتَفِعُوا بِذَلِكَ وَأَظْهَرُوا الْحَقَائِقَ الْعَقْلِيَّةَ فِي الْقَوَالِبِ الْحِسِّيَّةِ؛ فَتَضَمَّنَ خِطَابُهُمْ عَنْ اللَّهِ وَعَنْ الْيَوْمِ الْآخِرِ: مِنْ التَّخْيِيلِ وَالتَّمْثِيلِ لِلْمَعْقُولِ بِصُورَةِ الْمَحْسُوسِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ عُمُومُ النَّاسِ فِي أَمْرِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَبِالْمَعَادِ. وَذَلِكَ يُقَرِّرُ فِي النُّفُوسِ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ وَعَظَمَةِ الْيَوْمِ الْآخِرِ مَا يَحُضُّ النُّفُوسَ عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَعَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ؛ فَيَنْتَفِعُونَ