للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاجِبٌ وَالصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ وَاجِبَةٌ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا هِيَ الْمَنْذُورَةُ. وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ يَجِبُ بِالنَّذْرِ مَا كَانَ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ فَإِذَا تَرَكَهُ عُوقِبَ لِإِخْلَافِ الْوَعْدِ الَّذِي هُوَ النَّذْرُ فَإِنَّ النَّذْرَ وَعْدٌ مُؤَكَّدٌ هَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْعَرَبِ وَهَذِهِ الْآيَةُ تُسَمَّى النَّذْرَ وَعْدًا. وَقَوْلُهُ: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِي مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} وَرَدُّهُ إلَى أَبِيهِ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ بِلَا مَوْثِقٍ. وَمِنْ الْحَرْبِ الْمُبَاحَةِ دَفْعُ الظَّالِمِ عَنْ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَبْضَاعِ الْمَعْصُومَةِ. وَإِنَّمَا جَاءَتْ الرُّخْصَةُ فِي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ خَاصَّةً لِأَنَّ هَذَيْنِ الْمَوْطِنَيْنِ مَبْنَاهُمَا عَلَى تَأْلِيفِ الْقُلُوبِ وَتَنْفِيرِهَا فَإِذَا تَأَلَّفَتْ فَهِيَ الْمُسَالَمَةُ وَإِذَا تَنَافَرَتْ فَهِيَ الْمُحَارَبَةُ وَالتَّأْلِيفُ وَالتَّنْفِيرُ يَحْصُلُ بِالتَّوَهُّمَاتِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْحَقَائِقِ؛ وَلِهَذَا يُؤْثَرُ قَوْلُ الشِّعْرِ فِي التَّأْلِيفِ وَالتَّنْفِيرِ بِحَيْثُ يُحَرِّكُ النُّفُوسَ شَهْوَةً وَنُفْرَةً تَحْرِيكًا عَظِيمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ مُنْطَبِقًا عَلَى الْحَقِّ؛ لَكِنْ لِأَجْلِ تَخْيِيلٍ أَوْ تَمْثِيلٍ. فَلَمَّا كَانَتْ الْمُسَالَمَةُ وَالْمُحَارَبَةُ الشَّرْعِيَّةُ يَقُومُ فِيهَا التَّوَهُّم لِمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ مُقَامَ تَوَهُّمِ مَا لَهُ حَقِيقَةٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَعَارِضِ إلَّا الْإِيهَامُ بِمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَالنَّاطِقُ لَمْ يَعْنِ إلَّا الْحَقَّ صَارَ ذَلِكَ حَقًّا وَصِدْقًا عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ وَمُوهِمًا لِلْمُسْتَمِعِ تَوَهُّمًا يُؤَلِّفُهُ تَأْلِيفًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ يُنَفِّرُهُ تَنْفِيرًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِمَنْزِلَةِ تَأْلِيفِهِ وَتَنْفِيرِهِ بِالْأَشْعَارِ الَّتِي فِيهَا تَخْيِيلٌ وَتَمْثِيلٌ وَبِمَنْزِلَةِ