للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَيْثُ كَانَ مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ وَالْقِيَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِمَنْزِلَةِ مَيَّزَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَجَدَّدَهَا هَارُونُ الرَّشِيدُ وَجَعْفَرٌ الْمُتَوَكِّلُ وَغَيْرُهُمَا وَأَمَرُوا بِهَدْمِ الْكَنَائِسِ الَّتِي يَنْبَغِي هَدْمُهَا كَالْكَنَائِسِ الَّتِي بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ كُلِّهَا فَفِي وُجُوبِ هَدْمِهَا قَوْلَانِ: وَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ هَدْمِ مَا كَانَ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ إذَا فُتِحَتْ. وَلَوْ أَقَرَّتْ بِأَيْدِيهِمْ لِكَوْنِهِمْ أَهْلَ الْوَطَنِ كَمَا أَقَرَّهُمْ الْمُسْلِمُونَ عَلَى كَنَائِسَ بِالشَّامِ وَمِصْرَ ثُمَّ ظَهَرَتْ شَعَائِرُ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا بَعْدُ بِتِلْكَ الْبِقَاعِ بِحَيْثُ بُنِيَتْ فِيهَا الْمَسَاجِدُ: فَلَا يَجْتَمِعُ شَعَائِرُ الْكُفْرِ مَعَ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَجْتَمِعُ قِبْلَتَانِ بِأَرْضِ} وَلِهَذَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ عُمَرُ وَالْمُسْلِمُونَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنْ لَا يُظْهِرُوا شَعَائِرَ دِينِهِمْ. وَأَيْضًا فَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ أَنْ تُحْبَسَ عَلَى الدِّيَارَاتِ وَالصَّوَامِعِ وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا بَلْ لَوْ وَقَفَهَا ذِمِّيٌّ وَتَحَاكَمَ إلَيْنَا لَمْ نَحْكُمْ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ. فَكَيْفَ بِحَبْسِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَعَابِدِ الْكُفَّارِ الَّتِي يُشْرَكُ فِيهَا بِالرَّحْمَنِ وَيُسَبُّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيهَا أَقْبَحَ سَبٍّ. وَكَانَ مِنْ سَبَبِ إحْدَاثِ هَذِهِ الْكَنَائِسِ وَهَذِهِ الْأَحْبَاسِ عَلَيْهَا