للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا: فَإِنَّ التَّصَرُّفَاتِ جِنْسَانِ: عُقُودٌ وقبوض. كَمَا جَمَعَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: " {رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إذَا بَاعَ سَمْحًا إذَا اشْتَرَى سَمْحًا إذَا قَضَى سَمْحًا إذَا اقْتَضَى} وَيَقُولُ النَّاسُ: الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْأَخْذُ وَالْعَطَاءُ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْعُقُودِ: إنَّمَا هُوَ الْقَبْضُ وَالِاسْتِيفَاءُ؛ فَإِنَّ الْمُعَاقَدَاتِ تُفِيدُ وُجُوبَ الْقَبْضِ أَوْ جَوَازَهُ؛ بِمَنْزِلَةِ إيجَابِ الشَّارِعِ. ثُمَّ التَّقَابُضُ وَنَحْوُهُ وَفَاءٌ بِالْعُقُودِ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ. وَالْقَبْضُ يَنْقَسِمُ إلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ كَالْعَقْدِ، وَتَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالْقَبْضِ، فَإِذَا كَانَ الْمَرْجِعُ فِي الْقَبْضِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ يَسْتَوِي فِيهِ جَمِيعُ النَّاسِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْأَوْقَاتِ: فَكَذَلِكَ الْعُقُودُ، وَإِنْ حُرِّرَتْ عِبَارَتُهُ. قُلْت: أَحَدُ نَوْعَيْ التَّصَرُّفَاتِ، فَكَانَ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى عَادَةِ النَّاسِ كَالنَّوْعِ الْآخَرِ. وَمِمَّا يَلْتَحِقُ بِهَذَا: أَنَّ الْإِذْنَ الْعُرْفِيَّ فِي الْإِبَاحَةِ أَوْ التَّمْلِيكِ أَوْ التَّصَرُّفِ بِطَرِيقِ الْوِكَالَةِ: كَالْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ. فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوِكَالَةِ وَالْإِبَاحَةِ يَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَالْعِلْمُ بِرِضَى الْمُسْتَحِقِّ يَقُومُ مَقَامَ إظْهَارِهِ لِلرِّضَى. وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مُبَايَعَةُ النَّبِيِّ