للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ تَصْفَرُّ أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيك؟} قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ: جَعَلَ مَالِكٌ والدراوردي قَوْلَ أَنَسٍ: " {أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ} مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَجَاهُ فِيهِ: وَيَرَوْنَ أَنَّهُ غَلَطٌ. فَهَذَا التَّعْلِيلُ - سَوَاءٌ كَانَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ كَلَامِ أَنَسٍ - فِيهِ بَيَانُ أَنَّ فِي ذَلِكَ أَكْلًا لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ حَيْثُ أَخَذَهُ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ بِلَا عِوَضٍ مَضْمُونٍ. وَإِذَا كَانَتْ مَفْسَدَةُ بَيْعِ الْغَرَرِ هِيَ كَوْنُهُ مَظِنَّةَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَأَكْلِ الْأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ: فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ إذَا عَارَضَتْهَا الْمَصْلَحَةُ الرَّاجِحَةُ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّ السِّبَاقَ بِالْخَيْلِ وَالسِّهَامِ وَالْإِبِلِ. لَمَّا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ جَازَ بِالْعِوَضِ. وَإِنْ لَمْ يَجُزْ غَيْرُهُ بِعِوَضِ. وَكَمَا أَنَّ اللَّهْوَ الَّذِي يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ - وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ " {كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ} - صَارَ هَذَا اللَّهْوُ حَقًّا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الضَّرَرَ عَلَى النَّاسِ بِتَحْرِيمِ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِمَّا قَدْ يَتَخَوَّفُ فِيهَا مِنْ تَبَاغُضٍ وَأَكْلِ مَالٍ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِيهَا