للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا: فَقَدْ دَلَّ الْكِتَابُ فِي قَوْله تَعَالَى {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} وَالسُّنَّةُ فِي حَدِيثِ بروع بِنْتِ وَاشِقٍ وَإِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ: عَلَى جَوَازِ عَقْدِ النِّكَاحِ بِدُونِ فَرْضِ الصَّدَاقِ. وَتَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ إذَا دَخَلَ بِهَا بِإِجْمَاعِهِمْ وَإِذَا مَاتَ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ الْمُتَّبِعِينَ لِحَدِيثِ بروع بِنْتِ وَاشِقٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ مُتَقَارِبٌ لَا مَحْدُودٌ فَلَوْ كَانَ التَّحْدِيدُ مُعْتَبَرًا فِي الْمَهْرِ مَا جَازَ النِّكَاحُ بِدُونِهِ وَكَمَا رَوَاهُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَهُ أَجْرُهُ وَعَنْ بَيْعِ اللَّمْسِ وَالنَّجْش وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ} فَمَضَتْ الشَّرِيعَةُ بِجَوَازِ النِّكَاحِ قَبْلَ فَرْضِ الْمَهْرِ وَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا مَعَ تَبْيِينِ الْأَجْرِ فَدَلَّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. وَسَبَبُهُ: أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ - وَهُوَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ - غَيْرُ مَحْدُودَةٍ؛ بَلْ الْمَرْجِعُ فِيهَا إلَى الْعُرْفِ؛ فَكَذَلِكَ عِوَضُهُ الْآخَرُ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودَ وَإِنَّمَا هُوَ نِحْلَةٌ تَابِعَةٌ، فَأَشْبَهَ الثَّمَرَ التَّابِعَ لِلشَّجَرِ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ. وَكَذَلِكَ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ هَوَازِنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ السَّبْيِ وَبَيْنَ الْمَالِ فَاخْتَارُوا السَّبْيَ وَقَالَ لَهُمْ: " {إنِّي قَائِمٌ فَخَاطَبَ النَّاسَ فَقُولُوا: إنَّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللَّهِ