للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمِنْ ذَلِكَ: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ مَنْ أَخْرَجَ عَيْنًا مِنْ مِلْكِهِ بِمُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ وَالْخُلْعِ أَوْ تَبَرُّعٍ كَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ - أَنْ يَسْتَثْنِيَ بَعْضَ مَنَافِعِهَا فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَصْلُحُ فِيهِ الْغَرَرُ - كَالْبَيْعِ - فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومًا؛ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِي وَالنَّسَائِي عَنْ جَابِرٍ قَالَ: {بِعْته - يَعْنِي بَعِيرَهُ - مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَرَطْت حُمْلَانَهُ إلَى أَهْلِي} " فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ خِدْمَةَ الْعَبْدِ مَا عَاشَ سَيِّدُهُ أَوْ عَاشَ فُلَانٌ وَيَسْتَثْنِيَ غَلَّةَ الْوَقْفِ مَا عَاشَ الْوَاقِفُ. وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْبَائِعَ إذَا شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ: صَحَّ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا؛ لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ وَإِنْ كَانَ عَنْهُمَا قَوْلٌ بِخِلَافِهِ. ثُمَّ هَلْ يَصِيرُ الْعِتْقُ وَاجِبًا عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا يَجِبُ الْعِتْقُ بِالنَّذْرِ بِحَيْثُ يَفْعَلُهُ الْحَاكِمُ إذَا امْتَنَعَ أَمْ يَمْلِكُ الْبَائِعُ الْفَسْخَ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْعِتْقِ كَمَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِفَوَاتِ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْمَبِيعِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِهِمَا. ثُمَّ الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد يَرَوْنَ هَذَا خَارِجًا عَنْ الْقِيَاسِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْعِ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ الْمِلْكُ الَّذِي يَمْلِكُ صَاحِبُهُ التَّصَرُّفَ مُطْلَقًا.