للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَد؛ فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَآثَارُ الصَّحَابَةِ وَالِاعْتِبَارُ. وَقِيلَ: يَتَقَدَّرُ الْوَطْءُ الْوَاجِبُ بِمَرَّةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اعْتِبَارًا بِالْإِيلَاءِ. وَيَجِبُ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمَعْرُوفِ. كَمَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا بِالْمَعْرُوفِ؟ فِيهِ خِلَافٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ نُصُوصِ أَحْمَد وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ السَّلَفِ: أَنَّ مَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ وَالْمَبِيتِ لِلْمَرْأَةِ وكالاستمتاع لِلزَّوْجِ لَيْسَ بِمُقَدَّرِ؛ بَلْ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَالسُّنَّةِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدِ {: خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ} وَإِذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِيهِ فَرَضَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ. كَمَا فَرَضَتْ الصَّحَابَةُ مِقْدَارَ الْوَطْءِ لِلزَّوْجِ بِمَرَّاتٍ مَعْدُودَةٍ وَمَنْ قَدَّرَ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد الْوَطْءَ الْمُسْتَحَقَّ فَهُوَ كَتَقْدِيرِ الشَّافِعِيِّ النَّفَقَةَ؛ إذْ كِلَاهُمَا تَحْتَاجُهُ الْمَرْأَةُ وَيُوجِبُهُ الْعَقْدُ. وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ ضَعِيفٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ بَعِيدٌ عَنْ مَعَانِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالِاعْتِبَارِ. وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا قَدَّرَهُ طَرْدًا لِلْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُ مِنْ نَفْيِهِ لِلْجَهَالَةِ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ قِيَاسًا عَلَى الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ فَجَعَلَ النَّفَقَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ مُقَدَّرَةً: طَرْدًا لِذَلِكَ.