للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا بَيْعُهَا: فَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَبَاعَ الْمَسَاكِنَ أَيْضًا. وَلَا بَيْعَ يَكُونُ الثَّمَنُ مُؤَبَّدًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَالْمُسْتَخْرَجُ أَصْلٌ دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَلَا يُقَاسُ بِغَيْرِهِ - فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَنَعَتْ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا وَمَنَعَتْ الشَّامُ مُدَّهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا} . وَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ مَعَ عُمَرَ عَلَى فِعْلِهِ. يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الْخَرَاجِ فِي قَوْلِهِ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} فَإِنَّ هَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ وَمَعَ هَذَا فَقَدَ أَضَافَ الْقُرَى إلَيْهِمْ فَعُلِمَ اخْتِصَاصُهُمْ بِهَا. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَوْ أَخَذَهُ ذِمِّيٌّ مِنْ الذِّمِّيِّ الْأَوَّلِ بِالْخَرَاجِ وَعَاوَضَهُ عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ أَصْلًا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قِيلَ: إنَّهُ وَقْفٌ فَهَذَا لَا يُخْرِجُهُ بِهَذِهِ الْمُعَاوَضَةِ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَقْفًا؛ بَلْ مُسْتَحَقُّ أَهْلِ الْوَقْفِ بَاقٍ كَمَا كَانَ وَبَيْعُ الْوَقْفِ إنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ لِإِزَالَةِ حَقِّ أَهْلِ الْوَقْفِ. وَهَذَا لَا يَزُولُ؛ بَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ إجَارَةِ أَرْضِ الْوَقْفِ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: أكريتك هَذِهِ الْأَرْضَ بِمَا عَلَيَّ مِنْ الْخَرَاجِ وَبِالزِّيَادَةِ الَّتِي تُعَجِّلُهَا إلَيَّ؛ وَلِهَذَا يَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَةِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ؛ وَالْوَقْفُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ فَإِذَا جَازَ انْتِقَالُهُ بِالْإِرْثِ عَلَى صِفَةِ مَا كَانَ - وَالْهِبَةُ مِثْلُهُ - فَكَذَلِكَ الْمُعَاوَضَةُ سَوَاءٌ سُمِّيَتْ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً. وَلِهَذَا جَوَّزَ أَحْمَد إصْدَاقَ الْأَرْضِ الخراجية وَمَا جَازَ