للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّ الْخَرَاجَ يُضْرَبُ عَلَى مَزَارِعِهَا فَقَدْ عُلِمَ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ فَسَادُ قَوْلِهِ مَعَ إجْرَائِهِ لِقِيَاسِهِ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ ضَعِيفٌ لِوُجُوهِ: أَحَدُهَا: أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ تَجُوزُ إجَارَتُهَا بِالْإِجْمَاعِ وَبُيُوتُ مَكَّةَ أَحْسَنُ مَا فِيهَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهَا بَلْ يَجِبُ بَذْلُهَا لِلْمُحْتَاجِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهَذَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَالْقِيَاسُ. وَأَمَّا الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِهَا فَفِيهِ نَظَرٌ فَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ كَوْنَ فَتْحِهَا عَنْوَةً لَمَا مَنَعَ إجَارَتَهَا. الثَّانِي: أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ إنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ مَزَارِعِهَا. فَأَمَّا الْمَسَاكِنُ فَلَا يُمْنَعُ ذَلِكَ فِيهَا؛ بَلْ هِيَ لِأَصْحَابِهَا. وَمَكَّةُ إنَّمَا مُنِعُوا مِنْ الْمُعَاوَضَةِ فِي رَبَاعِهَا الَّتِي لَا مَنْعَ مِنْهَا فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَهَذَا بُرْهَانٌ ظَاهِرٌ عَلَى الْفَرْقِ. الثَّالِثُ: أَنَّ مَزَارِعَ مَكَّةَ مَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا وَلَا غَيْرِهِمْ مَنَعَ بَيْعَهَا أَوْ إجَارَتَهَا وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الرُّبَاعِ وَهِيَ الْمَسَاكِنُ لَا الْمَزَارِعُ. فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا. الرَّابِعُ: أَنَّ تِلْكَ الدِّيَارَ كَانَتْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَقَدْ طَلَبُوا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إعَادَتَهَا إلَيْهِمْ فَلَمْ يَفْعَلْ فَلَوْ كَانَتْ كَسَائِرِ الْعَنْوَةِ