للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحْكَمُ بِتَحْرِيمِهِ إذَا اشْتَرَى مَعَ إمْكَانِ الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِهِ؛ وَلَكِنْ مَعَ الْحَاجَةِ لَا يُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ فَإِنَّ هَذَا لَهُ مَالٌ يَشْتَرِي بِهِ وَيَبِيعُ؛ لَكِنْ إذَا مَنَعَ غَيْرَهُ وَاحْتَاجَ النَّاسُ إلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ بَاعَهُمْ بِأَغْلَى مِنْ السِّعْرِ فَظَلَمَهُمْ. وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مَا يَضَعُهُ الظَّلَمَةُ عَلَى النَّاسِ مِنْ الْبَضَائِعِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَيَشْتَرُونَهُ مُكْرَهِينَ فَإِنَّ هَذَا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ؛ وَلَكِنْ يَحْرُمُ عَلَى الْبَائِعِ مَا أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا قَدْ اخْتَلَطَ بِمَالِهِ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ الْمُحَرَّمَةِ فَصَارَ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ. فَيُقَالُ أَوَّلًا: مَنْ غَلَبَ عَلَى مَالِهِ الْحَلَالُ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. وَإِنْ غَلَبَ الْحَرَامُ: فَهَلْ مُعَامَلَتُهُ مُحَرَّمَةٌ أَوْ مَكْرُوهَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ثُمَّ يُقَالُ: تِلْكَ الزِّيَادَاتُ لَيْسَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ يُعْرَفُ وَالْوَاجِبُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ أَنْ يُصْرَفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا إنَّمَا مَنَعْنَاهُ مِنْ الزِّيَادَةِ؛ لِئَلَّا يَظْلِمَ النَّاسَ فَلَوْ جَعَلْنَا مَا يَشْتَرِيهِ النَّاسُ مِنْهُ حَرَامًا لَكِنَّا قَدْ زِدْنَا الضَّرَرَ عَلَى النَّاسِ إذَا احْتَاجُوا أَنْ يَشْتَرُوا مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ وَاَلَّذِي اشْتَرَوْهُ حَرَامٌ وَهُمْ لَا يُطِيقُونَ الشِّرَاءَ مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ؛ بَلْ يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْ مِثْلِ هَذَا وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ لَمْ يَظْلِمْ أَحَدًا فَإِنَّ مَا اشْتَرَاهُ قَدْ أَعْطَاهُ عِوَضَهُ وَزِيَادَةً وَالْمُسْتَحِقُّ لِلْعِوَضِ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِمَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ