للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَخْبَرَ أَنَّ التَّوَلُّدَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ أَصْلَيْنِ كَمَا تَكُونُ النَّتِيجَةُ عَنْ مُقَدِّمَتَيْنِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَعْلُولَاتِ الْمَعْلُومَةُ لَا يَحْدُثُ الْمَعْلُولُ إلَّا بِاقْتِرَانِ مَا تَتِمُّ بِهِ الْعِلَّةُ. فَأَمَّا الشَّيْءُ الْوَاحِدُ وَحْدَهُ فَلَا يَكُونُ عِلَّةً وَلَا وَالِدًا قَطُّ لَا يَكُونُ شَيْءٌ فِي هَذَا الْعَالَمِ إلَّا عَنْ أَصْلَيْنِ وَلَوْ أَنَّهُمَا الْفَاعِلُ وَالْقَابِلُ كَالنَّارِ وَالْحَطَبِ وَالشَّمْسِ وَالْأَرْضِ فَأَمَّا الْوَاحِدُ وَحْدَهُ فَلَا يَصْدُرُ عَنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَتَوَلَّدُ. فَبَيَّنَ الْقُرْآنُ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا طَرِيقَ الْقِيَاسِ فِي الْعِلَّةِ وَالتَّوَلُّدِ حَيْثُ جَعَلُوا الْعَالَمَ يَصْدُرُ عَنْهُ بِالتَّعْلِيلِ وَالتَّوَلُّدِ. وَكَذَلِكَ قَالَ: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ؟ خِلَافُ قَوْلِهِمْ: إنَّ الصَّادِرَ عَنْهُ وَاحِدٌ. وَهَذَا وَفَاءٌ بِمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قَوْلِهِ: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} إذْ قَدْ تَكَفَّلَ بِذَلِكَ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ خَرَجَ عَنْ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ فَقَالَ تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (فَذَكَرَ) الْوَحْدَانِيَّةَ وَالرِّسَالَةَ إلَى قَوْلِهِ: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} فَكُلُّ مَنْ خَرَجَ عَنْ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ فَهُوَ ظَالِمٌ بِحَسَبِ ذَلِكَ. وَالْمُبْتَدِعُ ظَالِمٌ بِقَدْرِ مَا خَالَفَ مِنْ سُنَّتِهِ {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ