للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبِدَعِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْفِقْهِ الْفَاسِدِ وَبَعْضُ أَهْلِ النُّسُكِ الْفَاسِدِ فَأَنْكَرَ الْأَئِمَّةُ ذَلِكَ حَتَّى الْإِمَامُ أَحْمَد فِي وَرَعِهِ الْمَشْهُورِ كَانَ يُنْكِرُ مِثْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ. وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ النُّسَّاكِ فَذَكَرَ لَهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَقَالَ: اُنْظُرْ إلَى هَذَا الْخَبِيثِ يُحَرِّمُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ. يَقُولُ: مَنْ سَرَقَ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ بِمَعْصُومِ وَمِثْلُ هَذَا كَانَ يَقُولُهُ بَعْضُ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الشُّبْهَةِ الْفَاسِدَةِ وَهُوَ أَنَّ الْحَرَامَ قَدْ غَلَبَ عَلَى الْأَمْوَالِ لِكَثْرَةِ الغصوب وَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ الْحَلَالُ مِنْ الْحَرَامِ. وَوَقَعَتْ هَذِهِ الشُّبْهَةُ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ مُصَنِّفِي الْفُقَهَاءِ فَأَفْتَوْا بِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مِقْدَارَ الضَّرُورَةِ وَطَائِفَةٌ لَمَّا رَأَتْ مِثْلَ هَذَا الْحَرَجِ سَدَّتْ بَابَ الْوَرَعِ. فَصَارُوا نَوْعَيْنِ: المباحية لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ؛ بَلْ الْحَلَالُ مَا حَلَّ بِأَيْدِيهِمْ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا مِثْلَ هَذَا الظَّنِّ الْفَاسِدِ وَهُوَ أَنَّ الْحَرَامَ قَدْ طَبَّقَ الْأَرْضَ وَرَأَوْا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ فَصَارُوا يَتَنَاوَلُونَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ. فَلْيَنْظُرْ الْعَاقِلُ عَاقِبَةَ ذَلِكَ الْوَرَعِ الْفَاسِدِ كَيْفَ أَوْرَثَ الِانْحِلَالَ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ