للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (١).

فَإِنَّ هَؤُلَاءِ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ " الْجِنُّ " قَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَعُمُّ الْمَلَائِكَةَ؛ كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ: زَعَمَ بَعْضُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ: أَنَّ اللَّهَ صَاهَرَ إلَى الْجِنِّ فَوَلَدَتْ الْمَلَائِكَةَ. فَقَدْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ أَيْضًا كَمَا عَبَدَتْهَا الصَّابِئَةُ الْفَلَاسِفَةُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} يَعْنِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ تَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا أَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ الْجِنُّ لِيَكُونُوا عَابِدِينَ لِلشَّيَاطِينِ الَّتِي تَتَمَثَّلُ لَهُمْ كَمَا يَكُونُ لِلْأَصْنَامِ شَيَاطِينُ.

وَكَمَا تَنْزِلُ الشَّيَاطِينُ عَلَى بَعْضِ مَنْ يَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ وَيَرْصُدُهَا حَتَّى تَنْزِلَ عَلَيْهِ صُورَةٌ فَتُخَاطِبُهُ. وَهُوَ شَيْطَانٌ مِنْ الشَّيَاطِينِ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا


(١) بهامش الأصل هنا متروك محل خمسة أسطر. قال في المسودة: يتلوه الوريقة، ولم نجدها