للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ سَهْمَ رَاجِلٍ وَفَارِسٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُجِيزُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَلَمْ تُقَسَّمْ الْغَنَائِمُ. فَهَذَا جَائِزٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد وَلَا يَجُوزُ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ خِلَافٌ. وَعَلَى مِثْلِ هَذَا الْأَصْلِ تَنْبَنِي " الْغَنَائِمُ فِي الْأَزْمَانِ الْمُتَأَخِّرَةِ " مِثْلَ الْغَنَائِمِ الَّتِي كَانَ يَغْنَمُهَا السَّلَاجِقَةُ الْأَتْرَاكُ وَالْغَنَائِمُ الَّتِي غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ النَّصَارَى مِنْ ثُغُورِ الشَّامِ وَمِصْرَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ أَفْتَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ - كَأَبِي مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِي والنواوي - أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا يَطَأَ مِنْهَا فَرْجًا وَلَا يَمْلِكَ مِنْهَا مَالًا وَلَزِمَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْفَسَادِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ. فَعَارَضَهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ سِبَاعٍ الشَّافِعِيُّ فَأَفْتَى: أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِسْمَةُ الْمَغَانِمِ بِحَالِ وَلَا تَخْمِيسُهَا وَأَنَّ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ الرَّاجِلَ وَأَنْ يَحْرِمَ بَعْضَ الْغَانِمِينَ وَيَخُصَّ بَعْضَهُمْ وَزَعَمَ أَنَّ سِيرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْتَضِي ذَلِكَ. وَهَذَا الْقَوْلُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ بَاطِلٌ وَمُنْكَرٌ أَيْضًا فَكِلَاهُمَا انْحِرَافٌ. وَالصَّوَابُ فِي مِثْلِ هَذِهِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ.