للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ جُذَاذِهَا. كَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَجَوَّزَ تَصَرُّفَهُ فِيهَا مَعَ كَوْنِ ضَمَانِهَا عَلَى الْبَائِعِ. وَقَدْ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ أَنَّ الثِّمَارَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إذَا بِعْت مِنْ أَخِيك ثَمَرَةً فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ} . وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى عَنْهُ فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ فِي هَذِهِ الثِّمَارِ يُرَافِقُ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى. وَمِنْ الْحُجَّةِ لِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ: أَنَّ مَنَافِعَ الْإِجَارَةِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُؤَجِّرِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ بِمَعْنَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ وَتَعَطَّلَتْ الْمَنَافِعُ كَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَائِهَا مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ التَّصَرُّفُ فِيهَا حَتَّى بِالْبَيْعِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ عَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى لَا يُؤَجِّرُهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْأُجْرَةِ إذَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا زِيَادَةٌ؛ لِئَلَّا يَرْبَحَ فِيمَا لَمْ يَضْمَنْ وَهِيَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَبُو حَنِيفَةَ عِنْدَهُ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تُمَلَّكُ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا تُمَلَّكُ بِالِاسْتِيفَاءِ شَيْئًا فَشَيْئًا. وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ هُوَ وَغَيْرُهُ يُجَوِّزُونَ إجَارَتَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَقُولُونَ: هَذَا لَيْسَ رِبْحًا لَمْ يُضْمَنْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَنَافِعَ مَضْمُونَةٌ عَلَى