للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

فَصْلٌ: فِي الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ

أَصْلُهُ أَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ يُوجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَا اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ مِثْلُ مَا يُوجِبُ التَّقَابُضَ: فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ اللَّازِمَةِ فَإِنَّ لُزُومَهَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْوَفَاءِ بِهَا وَتَحْرِيمَ نَقْضِهَا. وَأَمَّا " الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ " مِنْ الْوِكَالَاتِ بِأَنْوَاعِهَا وَالْمُشَارَكَاتِ بِأَصْنَافِهَا فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ الْوَفَاءَ مُطْلَقًا؛ إذْ الْعَقْدُ لَيْسَ بِلَازِمٍ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ بَلْ هُوَ جَائِزٌ مُبَاحٌ وَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْضَائِهِ وَفَسْخِهِ وَإِذَا فَسَخَهُ كَانَ نَقْضًا لَهُ؛ لَكِنْ مَا دَامَ الْعَقْدُ مَوْجُودًا فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمُوجِبِهِ مِنْ حِفْظِ الْمَالِ؛ فَإِنَّهُ عَقْدُ أَمَانَةٍ. وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْعُدْوَانِ كَالْخِيَانَةِ فَذَاكَ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ إذْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْعُدْوَانُ فِي مَالِ مَنْ ائْتَمَنَهُ وَغَيْرِهِ؛ لَكِنَّ الْعَقْدَ أَوْجَبَ ذَلِكَ أَيْضًا وَزَادَهُ تَوْكِيدًا.