للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَبَيْعِ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ وَكَبَيْعِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فِي قشريه؛ فَإِنَّ بَيْعَ جَمِيعِ هَذَا جَائِزٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ الْأَوَّلِينَ والآخرين كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد وَقَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ زَمَنِ نَبِيِّهِمْ إلَى هَذَا الزَّمَانِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ} فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ كَمَا دَلَّ نَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ فِي الْعَادَةِ. وَأَمَّا بَيْعُ الْجَزَرِ وَاللِّفْتِ وَالْفُجْلِ وَالْقُلْقَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُقْلَعَ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُغَيَّبٌ لَمْ يُرَ وَلَمْ يُوصَفْ؛ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ الَّتِي لَمْ تُرَ وَلَمْ تُوصَفْ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَد. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا رَأَى مَا ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد. وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَلَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ النَّاسِ إلَّا بِهَذَا؛ فَإِنَّ تَأْخِيرَ بَيْعِهِ إلَى حِينِ قَلْعِهِ يَتَعَذَّرُ تَارَةً وَيَتَعَسَّرُ أُخْرَى وَيُفْضِي إلَى