للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ} قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَطَّلَ الْمَكَانَ الَّذِي اكْتَرَاهُ. وَقَبَضَهُ لَتَلِفَتْ مَنَافِعُهُ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَكِنْ لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ لَتَلِفَتْ مِنْ مَالِ الْمُؤَجِّرِ. وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مَبْسُوطَةٌ فِي مَوْضِعِهَا. وَالْمَقْصُودُ هُنَا. أَنَّ أَصْلَ أَحْمَد وَمَالِكٍ جَوَازُ التَّصَرُّفِ وَأَنَّهُ يُوَسَّعُ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَى الْمُشْتَرِي؛ بِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَد فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ عَلَى أَصْلِهِمَا إلَّا إذَا انْتَقَلَ الضَّمَانُ إلَى الْمُشْتَرِي وَصَارَ الْمَبِيعُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ قَالُوا: لِئَلَّا يَتَوَالَى الضمانان؛ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يَكُونُ مَضْمُونًا قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ فَإِذَا بِيعَ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَهُ الْمُشْتَرِي صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَتَوَالَى عَلَيْهِ الضمانان. وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَد الْمَشْهُورِ عَنْهُ: هَذَا مَأْخَذٌ ضَعِيفٌ لَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ فَإِنَّ الْمَبِيعَ إذَا تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهِ. كَانَ عَلَى الْبَائِعِ أَدَاءُ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، فَالْوَاجِبُ بِضَمَانِ هَذَا غَيْرُ الْوَاجِبِ بِضَمَانِ هَذَا. وَإِذَا عُرِفَ هَذَا: فَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ دَيْنِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ الْمُسْلِفُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَلَا يَبِيعُ مَا لَمْ يُضْمَنْ. وَعَلَى