للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيَانِ الْحَالِ؛ بَلْ إنْ أَرَادَ أَنْ يُخْبِرَ بِذَلِكَ فَلْيُبَيِّنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهَا أَعَادَهَا إلَيْهِ بِنِصْفِ الرِّبْحِ؛ فَإِنَّ هَذَا سَوَاءٌ كَانَ بَيْعًا أَوْ إقَالَةً لَيْسَ هُوَ عِنْدَ النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَشْتَرِي سِرًّا مُطْلَقًا؛ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ أَكْرَهَهُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ. فَإِنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِالثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْحَالِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ إذْ هَذَا مِنْ نَوْعِ الْخِيَانَةِ. وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا بَاعَهَا بِرِبْحِ ثُمَّ وَجَدَهَا تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَاشْتَرَاهَا هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُسْقِطَ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي؟ أَوْ يُخْبِرَ بِالْحَالِ؟ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا. فَإِذَا كَانَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَكَيْفَ إذَا قَالَ فِيهَا بِدُونِ الثَّمَنِ؟ وَكَيْفَ إذَا كَانَ كَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ لَهُ؟ وَالْبَيْعُ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ أَصْلُهُ الصِّدْقُ وَالْبَيَانُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا} ". فَمَا كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي إذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا لَمْ يَشْتَرِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ؛ كَانَ كِتْمَانُهُ خِيَانَةً. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.