للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرِبْحِهِ كَمَا يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَالْفَلَّاحِ؛ فَإِنَّ الْفَلَّاحَ يَخُونُهُ وَيَظْلِمُهُ لِمَا يَزْعُمُ أَنَّ الْمُزَارِعَ يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ مَالِهِ وَنَحْوِهِ: كَأَخْذِ الْهَدَايَا. وَأَكْلِهِ هُوَ وَدَوَابُّهُ مِنْ مَالِهِ مُدَّةً بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَقْرِضُ السُّنْبُلَ قَبْلَ الْحَصَادِ وَيَتْرُكُ الْحَبَّ فِي الْقَصَبِ وَالتِّبْنِ وَفِي عِفَارَةِ الْبَيْدَرِ وَيَسْرِقُ مِنْهُ وَيَحْتَالُ عَلَى السَّرِقَةِ بِكُلِّ وَجْهٍ وَالْمُزَارِعُ يَظْلِمُهُ فِي بَدَنِهِ بِالضَّرْبِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَفِي مَالِهِ بِالِاسْتِنْفَاقِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَرَى أَنَّ هَذَا بِإِزَاءِ مَا اخْتَانَهُ مِنْ مَالِهِ. وَكَذَلِكَ يَجْرِي بَيْنَ مَالِكِ الْمَالِ وَالْعَامِلِ: الْعَامِلُ يَرَى أَنَّهُ يَأْخُذُ نَفْعَهُ وَمَالَهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ هَدَايَا وَمِنْ بَضَائِعَ مَعَهُ يَتَّجِرُ لَهُ فِيهَا فَيَخُصُّهُ بِالرِّبْحِ لِأَجْلِ الْمُضَارَبَةِ فَيُرِيدُ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْ نَفْعِهِ وَمَالِهِ فَيَخُونَ فِي الْمَالِ وَالرِّبْحِ وَيَكْذِبَ وَيَكْتُمَ وَالْمَالِكُ يَرَى أَنَّ الْعَامِلَ يَخُونُ فِي الْمَالِ وَالرِّبْحِ وَيُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَالٍ لَهُ آخَرَ أَوْ بِالْإِهْدَاءِ إلَى أَصْدِقَائِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ نَفْعُهُ لِأَجْلِ الْمُضَارَبَةِ فَيُطَالِبَهُ بِالْهَدَايَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. حَتَّى إنَّ مِنْ الْعُمَّالِ مَنْ لَا يَهْدِي إلَّا لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْمَالِكَ يَطْلُبُ ذَلِكَ وَيُؤْثِرُهُ فَيَتَّقِي بِذَلِكَ شَرَّهُ وَظُلْمَهُ. وَتُفْضِي هَذِهِ الْمُعَامَلَاتُ إلَى الْمُخَاصَمَةِ وَالْعَدَاوَةِ وَالظُّلْمِ فِي النُّفُوسِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ اخْتِصَاصُ أَحَدِهِمَا بِشَيْءِ خَارِجٍ عَنْ النَّصِيبِ الْمُشَاعِ مِنْ النَّمَاءِ فَإِنَّ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ الْعَدْلِ الْوَاجِبِ