للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا مَالُ الْفَيْءِ فَيُسْتَحَقُّ بِحَسَبِ مَنْفَعَةِ الْإِنْسَانِ لِلْمُسْلِمِينَ وَبِحَسَبِ الْحَاجَةِ أَيْضًا وَالْمُقَاتِلَةُ أَحَقُّ بِهِ وَهَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِمْ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَإِذَا قُسِمَ بَيْنَ الْمُقَاتِلَةِ فَيَجِبُ أَنْ يُقْسَمَ بِالْعَدْلِ كَمَا يَجِبُ الْعَدْلُ عَلَى كُلِّ حَاكِمٍ وَكُلِّ قَاسِمٍ؛ لَكِنْ إذَا قُدِّرَ أَنَّ الْقَاسِمَ أَوْ الْحَاكِمَ لَيْسَ عَدْلًا لَمْ تَبْطُلْ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ وَقَسْمُهُ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْفَسَادِ الَّذِي تَفْسُدُ بِهِ أُمُورُ النَّاسِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي يَأْمُرُ فِيهَا بِطَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَعَ جَوْرِهِمْ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُمْ إذَا أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُمْ وَإِنْ كَانُوا ظَالِمِينَ. فَإِذَا حَكَّمَ حَكَمًا عَادِلًا وَقَسَمَ قَسْمًا عَادِلًا: كَانَ هَذَا مِنْ الْعَدْلِ الَّذِي تَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِيهِ. فَالظَّالِمُ لَوْ قَسَمَ مِيرَاثًا بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهِ بِكِتَابِ اللَّهِ كَانَ هَذَا عَدْلًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ قَسَمَ مَغْنَمًا بَيْنَ غَانِمِيهِ بِالْحَقِّ كَانَ هَذَا عَدْلًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ حَكَمَ لِمُدَّعٍ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ لَا تُعَارَضُ كَانَ هَذَا عَدْلًا. وَالْحُكْمُ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَإِبَاحَةٌ فَيَجِبُ طَاعَتُهُ فِيهِ. هَذَا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَادِلَةً. فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْقِسْمَةِ ظُلْمٌ؛ مِثْلَ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضَ النَّاسِ فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّ وَبَعْضَهُمْ دُونَ مَا يَسْتَحِقُّ: فَهَذَا هُوَ الِاسْتِيثَارُ الَّذِي ذَكَرَهُ