للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْعُلَمَاءُ وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي حُكْمِ هَذَا الْحَدِيثِ - كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ تَلَفَ الْمَبِيع قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَيُحَرِّمُ أَخْذَ الثَّمَنِ - فَلَسْت أَعْلَمُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا صَحِيحًا صَرِيحًا فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ: " أَنَّ تَلَفَ الْمَبِيع قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ " غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ. وَهَذَا لَهُ نَظَائِرُ مُتَعَدِّدَةٌ قَدْ يَنُصُّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصًّا يُوجِبُ قَاعِدَةً وَيَخْفَى النَّصُّ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى يُوَافِقُوا غَيْرَهُمْ عَلَى بَعْضِ أَحْكَامِ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ وَيَتَنَازَعُوا فِيمَا لَمْ يَبْلُغْهُمْ فِيهِ النَّصُّ: مِثْلَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَمُنَازَعَتِهِمْ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ. وَهُمَا ثَابِتَانِ بِالنَّصِّ وَالْمُضَارَبَةُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ وَإِنَّمَا فِيهَا عَمَلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَلِهَذَا كَانَ فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ يُؤَصِّلُونَ أَصْلًا بِالنَّصِّ وَيُفَرِّعُونَ عَلَيْهِ - لَا يُنَازِعُونَ فِي الْأَصْلِ الْمَنْصُوصِ وَيُوَافِقُونَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ - وَيَتَوَلَّدُ مِنْ ذَلِكَ ظُهُورُ الْحُكْمِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ؛ لِهَيْبَةِ الِاتِّفَاقِ فِي الْقُلُوبِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ خِلَافُهُ. وَتَوَقَّفَ بَعْضُ النَّاسِ فِي الْحُكْمِ الْمَنْصُوصِ. وَقَدْ يَكُونُ حُكْمُهُ أَقْوَى مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. وَإِنْ خَفِيَ مُدْرَكُهُ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَانِعِ