للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ أَصْلًا. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يَتَصَوَّرُ الْخِلَافَ مَعَهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ: أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبَعْدَهُ وَمُطْلَقُ الْعَقْدِ عِنْدَهُ وُجُوبُ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ. وَلَوْ شَرَطَ التَّبْقِيَةَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ؛ بِنَاءً عَلَى مَا رَآهُ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ مُوجِبٌ التَّقَابُضَ فِي الْحَالِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِذَا تَلِفَ الثَّمَرُ عِنْدَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّخْلِيَةِ فَقَدْ تَلِفَ بَعْدَ وُجُوبِ قَطْعِهِ كَمَا لَوْ تَلِفَ عِنْدَ غَيْرِهِ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاحِهِ. وَطَرَدَ أَصْلَهُ فِي الْإِجَارَةِ فَعِنْدَهُ لَا يَمْلِكُ الْمَنَافِعَ فِيهَا إلَّا بِالْقَبْضِ شَيْئًا فَشَيْئًا لَا تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَقَبْضِ الْعَيْنِ؛ وَلِهَذَا يَفْسَخُهَا بِالْمَوْتِ وَغَيْرِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَحَادِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاتِرَةٌ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَبْلَ بُدُوِّهِ كَمَا عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ حَيْثُ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ. حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَذَلِكَ ثَابِتٌ فِي الصِّحَاحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. فَلَوْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ مِمَّنْ يَقُولُ بِبَيْعِ الثِّمَارِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مُبْقَاةً إلَى كَمَالِ الصَّلَاحِ ظَهَرَ النِّزَاعُ مَعَهُ. وَاَلَّذِينَ يُنَازِعُونَ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ لَا يُنَازِعُونَ فِي أَنَّ الْمَبِيع إذَا