للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الْجَوَائِحُ فِي الْإِجَارَةِ فَنَقُولُ: لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مَنَافِعَ الْإِجَارَةِ إذَا تَعَطَّلَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَائِهَا سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي ذَلِكَ كَمَا تَنَازَعُوا فِي تَلَفِ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ. لِأَنَّ الثَّمَرَةَ هُنَاكَ قَدْ يَقُولُونَ: قُبِضَتْ بِالتَّخْلِيَةِ وَأَمَّا الْمَنْفَعَةُ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ فَلَمْ تُقْبَضْ بِحَالِ. وَلِهَذَا نُقِلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ إذَا تَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَكَذَلِكَ إذَا تَلِفَتْ عَقِبَ قَبْضِهَا وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ؛ إلَّا خِلَافًا شَاذًّا حَكَوْهُ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَأَشْبَهَ تَلَفَ الْمَبِيع بَعْدَ الْقَبْضِ جَعْلًا لِقَبْضِ الْعَيْنِ قَبْضًا لِلْمَنْفَعَةِ. وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ؛ لَكِنْ يَقُولُونَ: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُنَا الْمَنَافِعُ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ لَمْ تُقْبَضْ؛ وَإِنَّمَا قَبْضُهَا بِاسْتِيفَائِهَا أَوْ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَائِهَا؛ وَإِنَّمَا جُعِلَ قَبْضُ الْعَيْنِ قَبْضًا لَهَا فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَجَوَازِ التَّصَرُّفِ. فَإِذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَقَدْ تَلِفَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ. وَهَذَا يُلْزِمُهُمْ مِثْلَهُ فِي الثَّمَرَةِ بِاعْتِبَارِ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ أَجْزَائِهَا.