للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. فَإِنَّ الشَّافِعِيِّ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا هَدَمَ دَارَهُ بَنَاهَا كَمَا كَانَتْ فَضَمِنَهُ بِالْمِثْلِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي الْحَيَوَانِ نَحْوُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَحْمَد يُضَمِّنُ أَوْلَادَ الْمَغْرُورِ بِجِنْسِهِمْ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَإِذَا اقْتَرَضَ حَيَوَانًا رَدَّ مِثْلَهُ فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ. وَقِصَّةُ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ هِيَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ ضَمَّنَ أَهْلَ الْحَرْثِ الَّذِي نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ بِالْقِيمَةِ وَأَعْطَاهُمْ الْمَاشِيَةَ مَكَانَ الْقِيمَةِ. وَسُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُمْ أَنْ يُعَمِّرُوا الْحَرْثَ حَتَّى يَعُودَ كَمَا كَانَ وَيَنْتَفِعُوا بِالْمَاشِيَةِ بَدَلَ مَا فَاتَهُمْ مِنْ مَنْفَعَةِ الْحَرْثِ. وَبِهَذَا أَفْتَى الزُّهْرِيُّ لِعُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا كَانَ قَدْ اعْتَدَى بَعْضُ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى بُسْتَانٍ لَهُ فَقَلَعُوهُ وَسَأَلُوهُ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: يَغْرِسُهُ كَمَا كَانَ. فَقِيلَ لَهُ: إنَّ رَبِيعَةَ وَأَبَا الزِّنَادِ قَالَا: تَجِبُ الْقِيمَةُ فَتَكَلَّمَ الزُّهْرِيُّ فِيهِمَا بِكَلَامِ مَضْمُونُهُ: أَنَّهُمَا خَالَفَا السُّنَّةَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَالِ بِجِنْسِهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ مِنْ ضَمَانِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ مَعَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ؛ فَإِنَّ الْقِيمَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْجِنْسُ مُخْتَصٌّ بِأَحَدِهِمَا وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَغْرَاضَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِنْسِ وَإِلَّا فَمَنْ لَهُ غَرَضٌ فِي كِتَابٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بُسْتَانٍ مَا يَصْنَعُ بِالدَّرَاهِمِ؟ فَإِنْ قِيلَ: يَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهُ قِيلَ: الظَّالِمُ الَّذِي فَوَّتَهُ مَالَهُ هُوَ أَحَقُّ بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ مِثْلَ مَا فَوَّتَهُ إيَّاهُ؛ أَوْ نَظِيرَ مَا أَفْسَدَهُ مِنْ مَالِهِ.