للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ الْمَالَ صَارَ غَائِبًا فَاقْتَرَضُوا عَلَيْهِ وَأَدَّوْا عَنْهُ أَوْ أَدَّوْا مِنْ مَالٍ لَهُمْ عَنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَالْمُوَلِّي عَلَيْهِ: كَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ. وَعَلَى هَذَا عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ. وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ قَوْلَهُ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ؛ فَإِنَّ الْكُلَفَ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ الْأَمْوَالِ عَلَى وَجْهِ الظُّلْمِ كَثِيرَةٌ جِدًّا. فَلَوْ كَانَ مَا يُؤَدِّيهِ الْمُؤْتَمَنُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ عَنْهُ مِنْ تِلْكَ الْكُلَفِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا بِغَيْرِ حَقٍّ تُحْسَبُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُؤَدِّهَا مِنْ غَيْرِ مَالِ الْمُؤْتَمَنِ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ ذَهَابُ كَثِيرٍ مِنْ أَمْوَالِ الْأُمَنَاءِ وَلَزِمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْأُمَنَاءُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِئَلَّا تَذْهَبَ أَمْوَالُهُمْ. وَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْخَوَنَةُ الْفُجَّارُ الَّذِينَ لَا يَتَّقُونَ اللَّهَ؛ بَلْ يَأْخُذُونَ مِنْ الْأَمْوَالِ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ وَيَدَّعُونَ نَقْصَ الْمَقْبُوضِ الْمُسْتَخْرَجِ أَوْ زِيَادَةَ الْمَصْرُوفِ الْمُؤَدَّى كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ حَالِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُؤْتَمَنِينَ عَلَى الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ؛ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ يَدْخُلُ فِي بَعْضِ مَا يَفْعَلُونَهُ تَأْوِيلٌ؛ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ وَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُؤْتَمَنُ عَلَى الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ إذَا كَانَ يُعْتَدُّ لَهُ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ مِنْ هَذِهِ الْكُلَفِ فَمَا قَبَضَهُ عُمَّالُ الزَّكَاةِ بِاسْمِ الزَّكَاةِ أَوْلَى أَنْ يُعْتَدَّ لَهُ بِهِ وَإِنْ قَبَضُوا فَوْقَ الْوَاجِبِ بِلَا تَأْوِيلٍ؛ لَا سِيَّمَا وَهَذَا