للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صُودِرُوا عَلَيْهِ؛ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ مَالٍ كَثِيرٍ فَيَطْلُبَ مِنْهُ الطَّالِبُ مَا يَقُولُ: إنَّهُ يَنُوبُ مَالَهُ. فَأَقَارِبُهُ وَجِيرَانُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ أُخِذَ مَالُهُ بِسَبَبِ مَالِ هَذَا أَوْ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِ؛ إنَّمَا ظُلِمُوا لِأَجْلِهِ وَأُخِذَتْ أَمْوَالُهُمْ لِأَجْلِ مَالِهِ وَصِيَانَةً لِمَالِهِ وَالطَّالِبُ إنَّمَا مَقْصُودُهُ مَالُهُ لَا أَمْوَالُ أُولَئِكَ وَشُبْهَتُهُ وَإِرَادَتُهُ إنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَالِهِ دُونَ أَمْوَالِهِمْ. فَكَيْفَ تَذْهَبُ أَمْوَالُهُمْ هَدَرًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مِنْهُمْ وَيَبْقَى مَالُ هَذَا مَحْفُوظًا وَهُوَ الَّذِي طُولِبُوا لِأَجْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ هَؤُلَاءِ الْمُؤَدُّونَ عَنْ غَيْرِهِمْ الرُّجُوعَ لَحَصَلَ فَسَادٌ كَثِيرٌ فِي النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ؛ فَإِنَّ النُّفُوسَ وَالْأَمْوَالَ قَدْ يَعْتَرِيهَا مِنْ الضَّرَرِ وَالْفَسَادِ مَا لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِأَدَاءِ مَالٍ عَنْهُمْ فَلَوْ عَلِمَ الْمُؤَدُّونَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ الرُّجُوعَ بِمَا أَدَّوْهُ إلَّا إذَا أَذِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ لَمْ يُؤَدُّوا وَهُوَ قَدْ لَا يَأْذَنُ؛ إمَّا لِتَغَيُّبِهِ أَوْ لِحَبْسِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَإِمَّا لِظُلْمِهِ نَفْسَهُ وَتَمَادِيهِ عَلَى مَا يَضُرُّ نَفْسَهُ وَمَالَهُ سَفَهًا مِنْهُ وَظُلْمًا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّاسَ تَحْتَ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَضُرَّ نَفْسَهُ وَمَالَهُ ضَرَرًا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ دَفَعَ ذَلِكَ الضَّرَرَ الْعَظِيمَ عَنْهُ بِمَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ فَقَدْ أَحْسَنَ إلَيْهِ وَفِي فِطَرِ النَّاسِ جَمِيعِهِمْ أَنَّ مَنْ لَمْ يُقَابِلْ الْإِحْسَانَ بِالْإِحْسَانِ فَهُوَ ظَالِمٌ مُعْتَدٍ وَمَا عَدَّهُ الْمُسْلِمُونَ ظُلْمًا فَهُوَ ظُلْمٌ. كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ