للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ وَسُؤَالٍ. وَقَدْ قَالَ: {وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك} فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّك لَا تُقَابِلُهُ عَلَى خِيَانَتِهِ فَتَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِك. فَإِذَا أُودِعَ الرَّجُلُ مَالًا فَخَانَهُ فِي بَعْضِهِ ثُمَّ أُودِعَ الْأَوَّلُ نَظِيرَهُ فَفَعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك} . الثَّالِثُ: أَنَّ كَوْنَ هَذَا خِيَانَةً لَا رَيْبَ فِيهِ وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي جَوَازِهِ عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ؛ فَإِنَّ الْأُمُورَ مِنْهَا مَا يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَأَخْذِ الْمَالِ. وَمِنْهَا مَا لَا يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ: كَالْفَوَاحِشِ وَالْكَذِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ تَعَالَى فِي الْأَوَّلِ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} . وَقَالَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} . وَقَالَ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} . فَأَبَاحَ الْعُقُوبَةَ وَالِاعْتِدَاءَ بِالْمِثْلِ. فَلَمَّا قَالَ هَاهُنَا: {وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك} عُلِمَ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُبَاحُ فِيهِ الْعُقُوبَةُ بِالْمِثْلِ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

عَنْ رَجُلٍ مَدْيُونٍ وَلَهُ عِنْدَ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِضَاعَةٌ وَالثَّمَنُ سَبْعُونَ دِرْهَمًا وَمِقْدَارُ الْبِضَاعَةِ تِسْعُونَ دِرْهَمًا وَقَدْ تُوُفِّيَ الْمَدْيُونُ وَاحْتَاطَ عَلَى مَوْجُودِهِ فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ يُطْلِعَ الْوَرَثَةَ عَلَى الْبِضَاعَةِ