للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ شَرَعَ مَا ذَكَرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ الْفَيْءُ مُتَدَاوَلًا بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ؛ دُونَ الْفُقَرَاءِ فَعُلِمَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَكْرَهُ هَذَا وَيَنْهَى عَنْهُ وَيَذُمُّهُ فَمَنْ جَعَلَ الْوَقْفَ لِلْأَغْنِيَاءِ فَقَطْ فَقَدْ جَعَلَ الْمَالَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ فَيَتَدَاوَلُونَهُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ دُونَ الْفُقَرَاءِ وَهَذَا مُضَادٌّ لِلَّهِ فِي أَمْرِهِ وَدِينِهِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا سَبْقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ} فَإِذَا كَانَ قَدْ نَهَى عَنْ بَذْلِ السَّبْقِ إلَّا فِيمَا يُعِينُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْجِهَادِ مَعَ أَنَّهُ بَذْلٌ لِذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ فِي الْوَقْفِ. وَهَذَا بَيِّنٌ فِي أُصُولِ الشَّرِيعَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَذْلَ الْمَالِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْفَعَةِ فِي الدِّينِ أَوْ الدُّنْيَا. وَهَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ سَفِيهًا وَحُجِرَ عَلَيْهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يَحْجُرُونَ عَلَى السَّفِيهِ وَكَانَ مُبَذِّرًا لِمَالِهِ وَقَدْ نَهَى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَنْ تَبْذِيرِ الْمَالِ {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} وَهُوَ إنْفَاقُهُ فِي غَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَكَانَ مُضَيِّعًا لِمَالِهِ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ