للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْإِبْدَالِ؛ إذْ فِيهِ مَقْصُودُهُ؛ فَإِنَّ هَذَا فِيهِ صَرْفُ نَفْعِهِ إلَى نَظِيرِ الْمُسْتَحِقِّ إذَا تَعَذَّرَ صَرْفُهُ إلَى عَيْنِهِ. فَإِنَّ الْمَسْجِدَ إذَا كَانَ مَوْقُوفًا بِبَلْدَةِ أَوْ مَحَلَّةٍ فَإِذَا تَعَذَّرَ انْتِفَاعُ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ بِهِ صُرِفَتْ الْمَنْفَعَةُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ فَيُبْنَى بِهَا مَسْجِدٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي زَيْتِ الْمَسْجِدِ وَحُصْرِهِ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا الْمَسْجِدُ: تُصْرَفُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَيَجُوزُ صَرْفُهَا عِنْدَهُ فِي فُقَرَاءِ الْجِيرَانِ. وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُقَسِّمُ كُسْوَةَ الْكَعْبَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ كُسْوَةُ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ لِمَنْفَعَةِ الْمَسَاجِدِ وَاحْتَجَّ عَلَى صَرْفِهَا فِي نَظِيرِ ذَلِكَ: بِأَنَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ مَالًا لِمُكَاتِبِ فَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ عَنْ قَدْرِ كِتَابَتِهِ فَصَرَفَهَا فِي مَكَاتِبَ أُخَرَ؛ فَإِنَّ الْمُعْطِينَ أَعْطَوْا الْمَالَ لِلْكِتَابَةِ فَلَمَّا اسْتَغْنَى الْمُعَيَّنُ صَرَفَهَا فِي النَّظِيرِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَحْمَد بْنَ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي بَيْعِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي بَيْعِ غَيْرِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. قَالَ: فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: إذَا خَرِبَ الْمَسْجِدُ يُبَاعُ وَيُنْفَقُ ثَمَنُهُ عَلَى مَسْجِدٍ آخَرَ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي " الْمُجَرَّدِ " وَابْنُ عَقِيلٍ فِي " الْفُصُولِ " وَغَيْرُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْقَاضِي -: وَنَفَقَةُ الْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ. وَهَذَا لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَكَانَ إبْقَاؤُهُ يَتَضَمَّنُ الْإِنْفَاقَ