للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا لَا لَبَنَ فِيهِ وَلَا ظَهْرَ وَقَدْ عَرَضْت عَلَيْهِ نَاقَةً فَتِيَّةً عَظِيمَةً لِيَأْخُذَهَا فَأَبَى عَلَيَّ وَهَا هِيَ هَذِهِ قَدْ جِئْتُك بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. خُذْهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الَّذِي عَلَيْك فَإِنْ تَطَوَّعْت بِخَيْرِ آجَرَك اللَّهُ فِيهِ وَقَبِلْنَاهُ مِنْك قَالَ: فَهَا هِيَ ذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ جِئْتُك بِهَا فَخُذْهَا قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْضِهَا وَدَعَا لَهُ فِي مَالِهِ بِالْبَرَكَةِ} وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إجْزَاءِ سِنٍّ أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ مَذْهَبُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ وَغَيْرِهِمْ. فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ إبْدَالَ الْوَاجِبِ بِخَيْرِ مِنْهُ جَائِزٌ بَلْ يُسْتَحَبُّ فِيمَا وَجَبَ بِإِيجَابِ الشَّرْعِ وَبِإِيجَابِ الْعَبْدِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاجِبِ فِي الذِّمَّةِ وَمَا أَوْجَبَهُ مُعَيَّنًا فَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا مِنْ وَجْهٍ فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ مُتَمَيِّزٌ عَنْ غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إبْدَالُهُ بِدُونِهِ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَى هَذَا فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَقِفَ شَيْئًا فَوَقَفَ خَيْرًا مِنْهُ كَانَ أَفْضَلَ فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَبْنِيَ لِلَّهِ مَسْجِدًا وَصَفَهُ أَوْ يَقِفَ وَقْفًا وَصَفَهُ. فَبَنَى مَسْجِدًا خَيْرًا مِنْهُ وَوَقَفَ وَقْفًا خَيْرًا مِنْهُ كَانَ أَفْضَلَ. وَلَوْ عَيَّنَهُ فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَبْنِيَ هَذِهِ الدَّارَ مَسْجِدًا أَوْ وَقْفُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. فَبَنَى خَيْرًا مِنْهَا وَوَقَفَ خَيْرًا مِنْهَا. كَانَ أَفْضَلَ: كَاَلَّذِي نَذَرَ الصَّلَاةَ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ مَخَاضٍ فَأَدَّى خَيْرًا مِنْهَا.

وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَاجِبِ الْمُقَدَّرِ إذَا زَادَهُ: كَصَدَقَةِ الْفِطَرِ إذَا أَخْرَجَ أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ. فَجَوَّزَهُ أَكْثَرُهُمْ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد