للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَيْسَ شَرْطًا فِي لُزُومِهِ. وَالتَّبَرُّعَاتُ: كَالْهِبَةِ وَالْعَارِيَةِ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ؛ وَعِنْدَ مَالِكٍ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ. وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَد نِزَاعٌ كَالنِّزَاعِ فِي الْمُعَيَّنِ: هَلْ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ؟ وَفِيهِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ. وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْعَارِيَةِ. وَمَا زَالَ السَّلَفُ يُعِيرُونَ الشَّجَرَةَ وَيَمْنَحُونَ المنايح؛ وَكَذَلِكَ هِبَةُ الثَّمَرِ وَاللَّبَنِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ وَيَرَوْنَ ذَلِكَ لَازِمًا وَلَكِنْ هَذَا يُشْبِهُ الْعَارِيَةَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ يَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَالْمَنْفَعَةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ هَذَا مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ كَالْمَنَافِعِ؛ وَلِهَذَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِجُزْءِ مِنْ هَذَا: كَالْمُسَاقَاةِ. وَأَمَّا إبَاحَةُ ذَلِكَ فَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَا أَبَاحَهُ مَعْدُومًا أَوْ مَوْجُودًا مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا؛ لَكِنْ لَا تَكُونُ الْإِبَاحَةُ عَقْدًا لَازِمًا كَالْعَارِيَةِ عِنْدَ مَنْ لَا يَجْعَلُ الْعَارِيَةَ عَقْدًا لَازِمًا؛ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ. وَأَمَّا مَالِكٍ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ لَازِمًا إذَا كَانَ مَحْدُودًا بِشَرْطِ أَوْ عُرْفٍ وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَد نِزَاعٌ وَتَفْصِيلٌ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

عَنْ امْرَأَةٍ وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا كِتَابَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ سِوَى إخْوَةٍ: فَهَلْ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهَا ذَلِكَ؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَيْسَ لِإِخْوَتِهَا عَلَيْهَا وِلَايَةٌ وَلَا حَجْرٌ؛ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يَجُوزُ تَبَرُّعُهَا فِي مَالِهَا صَحَّتْ هِبَتُهَا سَوَاءٌ رَضُوا أَوْ لَمْ يَرْضَوْا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.