للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِلَّا اشْتَرَى مَكَانًا آخَرَ وَوَقَفَ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي وَصَّى بِهَا الْمُوصَى؛ كَمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا قَالَ: بِيعُوا غُلَامِي مِنْ زَيْدٍ وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ. فَامْتَنَعَ فُلَانٌ مِنْ شِرَائِهِ؛ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ غَيْرِهِ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ فَالْوَصِيَّةُ بِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ لِوَقْفِ كَالْوَصِيَّةِ بِبَيْعِ مُعَيَّنٍ وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ هُنَا جِهَةُ الصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ؛ وَالتَّعْيِينُ إذَا فَاتَ قَامَ بَدَلُهُ مَقَامَهُ؛ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْوَقْفَ مُتْلِفٌ أَوْ أَتْلَفَ الْمُوصَى بِهِ مُتْلِفٌ؛ فَإِنَّ بَدَلَهُمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا فِي ذَلِكَ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُوصَى بِهِ وَالْمَوْقُوفِ؛ وَبَيْنَ بَدَلِ الْمُوصَى لَهُ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ وَصَّى لِزَيْدِ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ وَصَّى أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ الْمُعَيَّنَ أَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَمَاتَ الْمُعَيَّنُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ. وَتَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ إذَا وَصَّى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فُلَانٌ بِكَذَا فَامْتَنَعَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ مِنْ الْحَجِّ وَكَانَ الْحَجُّ تَطَوُّعًا: فَهَلْ يَحُجُّ عَنْهُ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ؛ وَيَقَعُ الْمُعَيَّنُ مَقْصُودًا فَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ غَلَّبَ جَانِبَ التَّعْيِينِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ الْحَجُّ مَقْصُودٌ أَيْضًا كَمَا أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْوَقْفَ مَقْصُودَانِ وَتَعْيِينُ الْحَجِّ كَتَعْيِينِ الْمَوْقُوفِ وَالْمُتَصَدَّقِ بِهِ فَإِذَا فَاتَ التَّعْيِينُ أُقِيمَ بَدَلُهُ كَمَا يُقَامُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ.