للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} فَقَيَّدَ النِّصْفَ بِكَوْنِهَا وَاحِدَةً فَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهَا إلَّا مَعَ هَذَا الْوَصْفِ؛ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} ذَكَرَ ضَمِيرَ (كُنَّ) وَ (وَنِسَاءً) وَذَلِكَ جَمْعٌ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُقَالَ: اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ الْجَمْعِ لَا يَخْتَصُّ بِاثْنَتَيْنِ؛ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِاثْنَتَيْنِ فَلَزِمَ أَنْ يُقَالَ: {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ حُكْمَ الثِّنْتَيْنِ؛ وَعَرَفَ حُكْمَ الْوَاحِدَةِ وَإِذَا كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِمَا فَوْقَ الثِّنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ: امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لِلْبِنْتَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يَكُونُ لَهُمَا جَمِيعُ الْمَالِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ النِّصْفُ فَإِنَّ الثَّلَاثَ لَيْسَ لَهُنَّ إلَّا الثُّلُثَانِ فَكَيْفَ الثَّلَاثَةُ وَلَا يَكْفِيهَا النِّصْفُ لِأَنَّهُ لَهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً فَلَا يَكُونُ لَهَا إذَا لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً. وَهَذِهِ الدَّلَالَةُ تَظْهَرُ مِنْ قِرَاءَةِ النَّصْبِ {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً} فَإِنَّ هَذَا خَبَرٌ كَانَ تَقْدِيرُهُ: فَإِنْ كَانَتْ بِنْتًا وَاحِدَةً أَيْ مُفْرَدَةً لَيْسَ مَعَهَا غَيْرُهَا {فَلَهَا النِّصْفُ} فَلَا يَكُونُ لَهَا ذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا فَانْتَفَى النِّصْف وَانْتَفَى الْجَمِيعُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الثُّلُثَانِ. وَهَذِهِ دَلَالَةٌ مِنْ الْآيَةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَالَ فِي الْأَخَوَاتِ: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} كَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْبِنْتَيْنِ أَوْلَى بِالثُّلُثَيْنِ مِنْ الْأُخْتَيْنِ. وَأَيْضًا فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَمَّا أَعْطَى ابْنَتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الثُّلُثَيْنِ وَأُمَّهُمَا الثُّمُنَ وَالْعَمَّ مَا بَقِيَ ". وَهَذَا إجْمَاعٌ لَا يَصِحُّ فِيهِ خِلَافٌ عَنْ ابْنُ عَبَّاسٍ.