للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ أَبَوَيْهِ وَاَللَّهُ هُوَ خَالِقُهُ وَبَارِئُهُ وَمُصَوِّرُهُ وَرَازِقُهُ وَنَاصِرُهُ وَهَادِيهِ؛ وَإِنَّمَا حَقُّ الْأَبَوَيْنِ فِيهِ بَعْضُ الْمُنَاسَبَةِ لِذَلِكَ؛ فَلِذَلِكَ قَرَنَ حَقَّ الْأَبَوَيْنِ بِحَقِّهِ فِي قَوْلِهِ: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} وَفِي قَوْلِهِ: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا} وَفِي قَوْلِهِ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا} وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّبَرُّؤَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ كُفْرًا؛ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلتَّبَرُّؤِ مِنْ الرَّبِّ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {مَنْ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إلَّا كَفَرَ} أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَوْلِهِ: {كَفَرَ بِاَللَّهِ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ} وَقَوْلِهِ: {لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ} . فَحَقُّ النَّسَبِ وَالْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ تَقَدَّمَهُ حَقُّ الرُّبُوبِيَّةِ وَحَقُّ الْقَرِيبِ الْمُجِيبِ الرَّحْمَنِ؛ فَإِنَّ غَايَةَ تِلْكَ أَنْ تَتَّصِلَ بِهَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ؛ {أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْت الرَّحِمَ وَشَقَقْت لَهَا مِنْ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْته وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتّهُ} وَقَالَ: {الرَّحِمُ شَجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ} وَقَالَ {لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الرَّحِمَ تَعَلَّقَتْ بِحِقْوِ الرَّحْمَنِ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ الْقَطِيعَةِ} . وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلًّا} إنَّ " الْإِلَّ " الرَّبُّ كَقَوْلِ الصِّدِّيقِ لَمَّا سَمِعَ قُرْآنَ مُسَيْلِمَةَ: إنَّ هَذَا كَلَامٌ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إلٍّ. وَأَمَّا دُخُولُ حَقِّ الرَّبِّ فِي الْعُهُودِ وَالْعُقُودِ. فَكَدُخُولِ الْعَبْدِ فِي السَّلَامِ وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَشَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؛ فَإِنَّ هَذَا عَهْدُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَشْرَفُ الْعُهُودِ وَأَوْكَدُهَا وَأَعَمُّهَا وَأَكْمَلُهَا