للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّخْصِ: فَهَلْ لِلْعَاقِدِ أَنْ يَعْقِدَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْوَلِيِّ؟ أَمْ قَوْلِهَا؟ وَكَيْفِيَّةُ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْإِشْهَادُ عَلَى إذْنِهَا لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ؛ وَإِنَّمَا فِيهِ خِلَافٌ شَاذٌّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ. وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبَيْنِ - كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ - أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ. فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ: أَذِنَتْ لِي فِي الْعَقْدِ؛ فَعَقَدَ الْعَقْدَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْعَقْدِ ثُمَّ صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى الْإِذْنِ: كَانَ النِّكَاحُ ثَابِتًا صَحِيحًا بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا؛ وَلَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ. وَدَعْوَاهُ الْإِذْنَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ ادَّعَى النِّكَاحَ بَعْدَ مَوْتِ الشُّهُودِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَاَلَّذِي يَنْبَغِي لِشُهُودِ النِّكَاحِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى إذْنِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ لِوُجُوهِ ثَلَاثَةٍ: " أَحَدُهَا " أَنَّ ذَلِكَ عَقْدٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَمَهْمَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مُتَّفَقًا عَلَى صِحَّتِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْدَلَ عَنْهُ إلَى مَا فِيهِ خِلَافٌ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا؛ إلَّا لِمُعَارِضِ رَاجِحٍ. " الْوَجْهُ الثَّانِي " أَنَّ ذَلِكَ مَعُونَةٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ وَأَمَانٌ مِنْ جُحُودِهِ لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ جَحْدُ النِّسَاءِ وَكِذْبُهُنَّ فَإِنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا كَثِيرًا مَا يُفْضِي إلَى خِلَافِ ذَلِكَ. ثُمَّ إنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ. وَفِي ذَلِكَ مَفَاسِدُ مُتَعَدِّدَةٌ.