للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي " كِتَابِ بَيَانِ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ " وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَنْسُوخَ مِنْ الشَّرِيعَةِ وَمَا تَنَازَعَ فِيهِ السَّلَفُ خَيْرٌ مِنْ مِثْلِ هَذَا؛ فَإِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ تَأْتِي بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا عَدَدَ لَهُ لَكَانَ هَذَا مُمْكِنًا وَإِنْ كَانَ هَذَا مَنْسُوخًا. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَسْتَكْرِيَ مَنْ يَطَؤُهَا فَهَذَا لَا تَأْتِي بِهِ شَرِيعَةٌ. وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّحْلِيلِ يَفْعَلُونَ أَشْيَاءَ مُحَرَّمَةً بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ زَوْجِهَا أَنْ يُصَرِّحَ بِخِطْبَتِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ عِدَّةِ وَفَاةٍ قَالَ تَعَالَى " {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْمُوَاعَدَةِ سِرًّا وَعَنْ عَزْمِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ. وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي عِدَّةِ الْمَوْتِ فَهُوَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَشَدُّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَدْ تَرْجِعُ إلَى زَوْجِهَا؛ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ عَنْهَا. وَأَمَّا " التَّعْرِيضُ " فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ وَفِيمَا سِوَاهُمَا. فَهَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لَا يَحِلُّ لِأَحَدِ أَنْ يُوَاعِدَهَا سِرًّا وَلَا يَعْزِمَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجِ ثَانٍ وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ يَحِلَّ لِلْأَوَّلِ أَنْ يُوَاعِدَهَا سِرًّا وَلَا يَعْزِمَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَذَلِكَ أَشَدُّ وَأَشَدُّ.