للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهُوَ قَلِيلٌ. وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا فِي مَذْهَبِ أَحْمَد؛ ثُمَّ يُقَالُ مَا يُمَيِّزُ هَذَا عَنْ الْمُتَّخِذَاتِ أَخْدَانًا. وَفِي الْمُشْتَرِطِينَ لِلشَّهَادَةِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مَنْ لَا يُعَلِّلُ ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ؛ لَكِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ حُضُورَ اثْنَيْنِ تَعْظِيمًا لِلنِّكَاحِ. وَهَذَا يَعُودُ إلَى مَقْصُودِ الْإِعْلَانِ. وَإِذَا كَانَ النَّاسُ مِمَّنْ يَجْهَلُ بَعْضُهُمْ حَالَ بَعْضٍ وَلَا يَعْرِفُ مَنْ عِنْدَهُ هَلْ هِيَ امْرَأَتُهُ أَوْ خَدِينُهُ مِثْلُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا النَّاسُ الْمَجَاهِيلُ: فَهَذَا قَدْ يُقَالُ: يَجِبُ الْإِشْهَادُ هُنَا. وَلَمْ يَكُنْ الصَّحَابَةُ يَكْتُبُونَ " صَدَاقَاتٍ " لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَتَزَوَّجُونَ عَلَى مُؤَخَّرٍ؛ بَلْ يُعَجِّلُونَ الْمَهْرَ وَإِنْ أَخَّرُوهُ فَهُوَ مَعْرُوفٌ؛ فَلَمَّا صَارَ النَّاسُ يَتَزَوَّجُونَ عَلَى الْمُؤَخَّرِ وَالْمُدَّةُ تَطُولُ وَيُنْسَى: صَارُوا يَكْتُبُونَ الْمُؤَخَّرَ وَصَارَ ذَلِكَ حُجَّةً فِي إثْبَاتِ الصَّدَاقِ؛ وَفِي أَنَّهَا زَوْجَةٌ لَهُ؛ لَكِنَّ هَذَا الْإِشْهَادَ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ؛ سَوَاءٌ حَضَرَ الشُّهُودُ الْعَقْدَ أَوْ جَاءُوا بَعْدَ الْعَقْدِ فَشَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ نِكَاحٌ قَدْ أُعِلْنَ وَإِشْهَادُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَوَاصٍ بِكِتْمَانِهِ إعْلَانٌ.

وَهَذَا بِخِلَافِ " الْوَلِيِّ " فَإِنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَالسُّنَّةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَهُوَ عَادَةُ الصَّحَابَةِ إنَّمَا كَانَ يُزَوِّجُ النِّسَاءَ الرِّجَالُ لَا يُعْرَفُ أَنَّ امْرَأَةً تُزَوِّجُ نَفْسَهَا. وَهَذَا مِمَّا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ النِّكَاحِ وَمُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ وَلِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ: لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا؛ فَإِنَّ الْبَغِيَّ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا. لَكِنْ لَا يَكْتَفِي بِالْوَلِيِّ حَتَّى يُعْلِنَ؛ فَإِنَّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَنْ يَكُونُ مُسْتَحْسَنًا عَلَى قَرَابَتِهِ