للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (*)

عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} وَقَدْ أَبَاحَ الْعُلَمَاءُ التَّزْوِيجَ بالنصرانية وَالْيَهُودِيَّةِ: فَهَلْ هُمَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ؟ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ جَائِزٌ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ قَالَ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} وَهَذَا مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَرِهَ نِكَاحَ النَّصْرَانِيَّةِ. وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ شُرَكَاءَ أَعْظَمَ مِمَّنْ تَقُولُ إنَّ رَبَّهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. وَهُوَ الْيَوْمُ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَقَدْ احْتَجُّوا بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَبِقَوْلِهِ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}. وَالْجَوَابُ عَنْ آيَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: " أَحَدُهَا " أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْمُشْرِكِينَ فَجُعِلَ أَهْلُ الْكِتَابِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}.


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٢٣٣ - ٢٣٤):
هنا أمران:
الأول: وردت هذه الفتوى سابقا في ١٤/ ٩١ - ٩٣، ولكنها في الموضع السابق ناقصة، وقد سبق التنبيه على ذلك أثناء الكلام على المجلد الرابع عشر.
والثاني: أنه قد وقع تصحيف في هذا الموضع، وهو قوله: ٣٢/ ١٧٩ (فحيث وصفهم بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به وجب تميزهم عن المشركين؛ لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد، لا بالشرك)، وصواب العبارة كما في ١٤/ ٩٢ (فحيث وصفهم بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذى لم يأمر الله به، وحيث ميزهم عن المشركين، فلأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التى جاءت بالتوحيد لا بالشرك)، والله تعالى أعلم.