للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُمْ وَالْمُعَاشِرُ إذَا ادَّعَى سَلَامَتَهُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ؛ فَإِنَّهُ إمَّا أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُمْ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَتْرُكَ الْوَاجِبَاتِ وَإِمَّا أَنْ يُقِرَّهُمْ عَلَى الْمُنْكَرَاتِ فَلَا يَأْمُرُهُمْ بِمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْ مُنْكَرٍ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعُقُوبَةِ وَقَدْ رُفِعَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَقْوَامٌ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فَأَمَرَ بِجَلْدِهِمْ الْحَدَّ فَقِيلَ: إنَّ فِيهِمْ صَائِمًا؟ فَقَالَ: أَبَدَءُوا بِالصَّائِمِ فَاجْلِدُوهُ: أَلَمْ يَسْمَعْ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} ؟ . قَوْله تَعَالَى {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} فَنَهَى سُبْحَانَهُ عَنْ الْقُعُودِ مَعَ الظَّالِمِينَ؛ فَكَيْفَ بِمُعَاشَرَتِهِمْ؟ أَمْ كَيْفَ بِمُخَادَنَتِهِمْ وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ تَرَكُوا الْمُقَامَرَةَ بِالْأَيْدِي وَعَجَزُوا عَنْهَا: فَفَتَحُوا الْقِمَارَ بِالْأَلْسِنَةِ وَالْقِمَارُ بِالْأَلْسِنَةِ أَفْسَدُ لِلْعَقْلِ وَالدِّينِ مِنْ الْقِمَارِ بِالْأَيْدِي. وَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْمُبَالَغَةُ فِي عُقُوبَةِ هَؤُلَاءِ وَهَجْرُهُمْ وَاسْتِتَابَتُهُمْ؛ بَلْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ الرَّجُلَ نَظَمَ هَذِهِ الْأَزْجَالَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ لَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ؛ بَلْ لَوْ نَظَمَهَا فِي غَيْرِ الْغَزَلِ. فَإِنَّهُمْ تَارَةً يَنْظِمُونَهَا بِالْكُفْرِ بِاَللَّهِ وَبِكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ كَمَا نَظَمَهَا أَبُو الْحَسَنِ التستري " فِي " وَحْدَةِ الْوُجُودِ " وَأَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ. وَتَارَةً يَنْظِمُونَهَا فِي الْفِسْقِ: كَنَظْمِ هَؤُلَاءِ الْغُوَاةِ وَالسُّفَهَاءِ الْفُسَّاقِ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ نَاظِمًا نَظَمَ هَذِهِ الْأَزْجَالَ فِي مَكَانِ حَانُوتٍ: نُهِيَ؛ فَإِنَّهَا تُفْسِدُ اللِّسَانَ الْعَرَبِيَّ وَتَنْقُلُهُ إلَى الْعُجْمَةِ الْمُنْكَرَةِ.