للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَنْ " الْخُلْعِ ": هَلْ هُوَ طَلَاقٌ مَحْسُوبٌ مِنْ الثَّلَاثِ؟ وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَنِيَّتِهِ؟

فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ فُرْقَةٌ بَائِنَةٌ وَفَسْخٌ لِلنِّكَاحِ؛ وَلَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. فَلَوْ خَلَعَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِعَقْدِ جَدِيدٍ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَنَصَرُوهُ؛ وَطَائِفَةٌ نَصَرُوهُ وَلَمْ يَخْتَارُوهُ؛ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: كَإِسْحَاقِ بْنِ رَاهَوَيْه وَأَبِي ثَوْرٍ ودَاوُد وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَة. وَهُوَ ثَابِتٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ: كطاوس وَعِكْرِمَةَ. و " الْقَوْلُ الثَّانِي ": أَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ مَحْسُوبٌ مِنْ الثَّلَاثِ. وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ؛ وَيُقَالُ: إنَّهُ الْجَدِيدُ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ. وَيُنْقَلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ لَكِنْ ضَعَّفَ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ: كَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِي وَغَيْرِهِمْ: النَّقْلَ عَنْ هَؤُلَاءِ؛ وَلَمْ يُصَحِّحُوا إلَّا قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ إنَّهُ فَسْخٌ: وَلَيْسَ بِطَلَاقِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَالَ لَا نَعْرِفُ حَالَ مَنْ رَوَى هَذَا عَنْ عُثْمَانَ: هَلْ هُوَ ثِقَةٌ أَمْ لَيْسَ بِثِقَةِ؟ فَمَا صَحَّحُوا مَا نُقِلَ عَنْ الصَّحَابَةِ؛ بَلْ اعْتَرَفُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ صِحَّتَهُ.