للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِأُصُولِهِمَا مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ؛ فَإِنَّ اللَّفْظَ إذَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ وَوُجِدَ مُعَادًا فِيهِ لَمْ يَكُنْ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ نَوَى بِلَفْظِ الظِّهَارِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَعَلَى هَذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَحْمَدَ: لَوْ نَوَى بِلَفْظِ الْحَرَامِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ؛ لاسيما عَلَى أَصْلِ أَحْمَدَ. وَأَلْفَاظُ الْخُلْعِ وَالْفَسْخِ وَالْفِدْيَةِ مَعَ الْعِوَضِ صَرِيحَةٌ فِي الْخُلْعِ فَلَا تَكُونُ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ بِحَالِ؛ وَلِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ وَالْمُفَادَاةِ وَالْفَسْخِ وَالْعِوَضِ إمَّا أَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً فِي الْخُلْعِ؛ وَصَرِيحَةً فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةً فِيهِمَا فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - لَمْ يَقَعْ بِهَا الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَاهُ. وَإِنْ قِيلَ بِالثَّانِي: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْخُلْعِ وَالْفَسْخِ وَالْمُفَادَاةِ مِنْ صَرِيحِ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ كَمَا يَقَعُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ؛ وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يَعُدَّهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّرَائِحِ. فَإِنْ قِيلَ: هِيَ مَعَ الْعِوَضِ صَرِيحَةٌ فِي الطَّلَاقِ. قِيلَ: هَذَا بَاطِلٌ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ مَا لَيْسَ بِصَرِيحِ عِنْدَهُ لَا يَصِيرُ صَرِيحًا بِدُخُولِ الْعِوَضِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: إنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ لِأَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَالْكِنَايَةُ تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ وَالنِّيَّةُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِإِشْهَادِ عَلَيْهَا وَالنِّكَاحُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَةِ؛ فَإِذَا قَالَ: مَلَّكْتُكهَا بِأَلْفِ وَأَعْطَيْتُكهَا بِأَلْفِ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَوْ وَهَبْتُكهَا لَمْ يُجْعَلْ دُخُولُ الْعِوَضِ قَرِينَةً فِي كَوْنِهِ نِكَاحًا: لِاحْتِمَالِ تَمْلِيكِ الرَّقَبَةِ. كَذَلِكَ لَفْظُ الْمُفَادَاةِ يَحْتَمِلُ الْمُفَادَاةَ مِنْ الْأَسْرِ. وَلَفْظُ الْفَسْخِ إنْ كَانَ طَلَاقًا مَعَ