للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوْلِ وَبِهِ اقْتَدَى. وَكَانَ أَحْمَد يَقُولُ: إيَّاكَ أَنْ تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لَك فِيهَا إمَامٌ. وَإِمَامُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَنَقَلَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ عِنْدَهُمْ بِبَذْلِ الْمَرْأَةِ الْعِوَضَ وَطَلَبِهَا الْفُرْقَةَ. وَقَدْ كَتَبْت أَلْفَاظَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْكَلَامِ الْمَبْسُوطِ. " وَأَيْضًا " فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْن شَمَّاسٍ - وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَالَعَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَتْ امْرَأَتُهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ لَهُ: لَا أَنْقِمُ عَلَيْهِ خُلُقًا وَلَا دِينًا وَلَكِنْ أَكْرَهُ الْكُفْرَ بَعْدُ فِي الْإِسْلَامِ؛ فَذَكَرَتْ أَنَّهَا تُبْغِضُهُ. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ الْحَدِيقَةَ فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً} وَابْنُ عَبَّاسٍ الَّذِي يَرْوِي هَذَا اللَّفْظَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى أَيْضًا {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِحَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ. وَقَالَ: لَا عِدَّةَ عَلَيْك} وَأَفْتَى بِأَنَّ طَلَاقَ أَهْلِ الْيَمَنِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ " الْفِدَاءَ " لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لَهُ: عَامَّةُ طَلَاقِ أَهْلِ الْيَمَنِ الْفِدَاءُ فَقَالَ لَهُ: لَيْسَ الْفِدَاءُ بِطَلَاقِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ فِرَاقٌ وَلَكِنَّ النَّاسَ غَلِطُوا فِي اسْمِهِ. فَأَخْبَرَهُ السَّائِلُ أَنَّ طَلَاقَهُمْ هُوَ الْفِدَاءُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَأَدْنَى أَحْوَالِهِ أَنْ يَعُمَّ لَفْظُ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَطْلَقَ الْجَوَابَ