للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ حَدِيثَهُمْ؛ بِخِلَافِ حَدِيثِ الثَّلَاثِ فَإِنَّ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ؛ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِهِ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ؛ وَاَلَّذِينَ رَوَاهُ عُلَمَاءُ فُقَهَاءَ وَقَدْ عَمِلُوا بِمُوجَبِهِ كَمَا أَفْتَى طَاوُوسٌ وَعِكْرِمَةُ؛ وَابْنُ إسْحَاقَ: أَنَّ الثَّلَاثَ وَاحِدَةٌ. وَقَدْ قَالَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ: هَذَا أَخْطَأَ السُّنَّةَ فَيُرَدُّ إلَى السُّنَّةِ. وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ تَقْدِيمِ رِوَايَةِ أَلْبَتَّةَ؛ فَإِنَّمَا ذَاكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ هَذَا عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ طَرِيقًا آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَجْهُولٍ. فَقَدَّمَ رِوَايَةَ مَجْهُولٍ عَلَى مَجْهُولٍ. وَأَمَّا رِوَايَةُ دَاوُد بْنَ الْحُصَيْنِ هَذِهِ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تِلْكَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ؛ وَلَكِنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ لَمْ تَبْلُغْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ كَمَا أَنَّ حَدِيثَ طَاوُوسٍ لَا يَعْرِفُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ؛ بَلْ أَكْثَرُهُمْ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي مَوَاضِعَ وَبَيَّنَ الْكَلَامُ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ فِي الْإِفْتَاءِ بِلُزُومِ الثَّلَاثِ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَأَظْهَرُوهُ فَجُعِلَ عُقُوبَةً لَهُمْ. وَذِكْرُ كَلَامِ النَّاسِ عَلَى " الْإِلْزَامِ بِالثَّلَاثِ ": هَلْ فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ شَرْعٌ لَازِمٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَوْ فَعَلَهُ عُقُوبَةَ ظُهُورِ الْمُنْكَرِ وَكَثْرَتِهِ؟ وَإِذَا قِيلَ: هُوَ عُقُوبَةٌ: فَهَلْ مُوجِبُهَا دَائِمٌ لَا يَرْتَفِعُ؟ أَوْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ؟ وَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَرْعًا لَازِمًا وَلَا عُقُوبَةَ اجْتِهَادِيَّةً لَازِمَةً؛ بَلْ غَايَتُهُ أَنَّهُ اجْتِهَادٌ سايغ مَرْجُوحٌ أَوْ عُقُوبَةٌ عَارِضَةٌ