للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَوْتَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْقَبْرِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ كَقَوْلِهِ: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} فَالْمَوْتَةُ الْأُولَى قَبْلَ هَذِهِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ هَذِهِ الْحَيَاةِ. وقَوْله تَعَالَى {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ تَعَالَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} وَقَالَ: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} . فَالرُّوحُ تَتَّصِلُ بِالْبَدَنِ مَتَى شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتُفَارِقُهُ مَتَى شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يتوقت ذَلِكَ بِمَرَّةِ وَلَا مَرَّتَيْنِ وَالنَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ. وَلِهَذَا {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا} {وَكَانَ إذَا اسْتَيْقَظَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} فَقَدَ سَمَّى النَّوْمَ مَوْتًا وَالِاسْتِيقَاظَ حَيَاةً. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ عَلَى نَوْعَيْنِ: فَيَتَوَفَّاهَا حِينَ الْمَوْتِ وَيَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ بِالنَّوْمِ ثُمَّ إذَا نَامُوا فَمَنْ مَاتَ فِي مَنَامِهِ أَمْسَكَ نَفْسَهُ وَمَنْ لَمْ يَمُتْ أَرْسَلَ نَفْسَهُ. وَلِهَذَا {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ قَالَ: بِاسْمِك رَبِّي وَضَعْت جَنْبِي وَبِك أَرْفَعُهُ فَإِنْ أَمْسَكْت نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَك الصَّالِحِينَ} . وَالنَّائِمُ يَحْصُلُ لَهُ فِي مَنَامِهِ لَذَّةٌ وَأَلَمٌ وَذَلِكَ يَحْصُلُ لِلرُّوحِ وَالْبَدَنِ حَتَّى