للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَازَعُوهُ فِي ذَلِكَ وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى وَغَيْرِهِمْ: فِي الْمُتْعَةِ وَفِي الْإِلْزَامِ بِالثَّلَاثِ. وَإِذَا تَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ وَجَبَ رَدُّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ كَمَا أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَرَى أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى وَنَازَعَهُ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلِهِمْ. وَكَانَ هُوَ وَابْنُ مَسْعُودٍ يَرَيَانِ أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَتَيَمَّمُ وَخَالَفَهُمَا عَمَّارٌ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَطْبَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ؛ لَمَّا كَانَ مَعَهُمْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا كَثِيرٌ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى مَا أَخَذَ النَّاسُ بِهِ. وَاَلَّذِينَ لَا يَرَوْنَ الطَّلَاقَ الْمُحَرَّمَ لَازِمًا يَقُولُونَ: هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ: كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ: أَنَّ إيقَاعَاتِ الْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ لَا تَقَعُ لَازِمَةً: كَالْبَيْعِ الْمُحَرَّمِ وَالنِّكَاحِ الْمُحَرَّمِ وَالْكِتَابَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَلِهَذَا أَبْطَلُوا نِكَاحَ الشَّغَارِ وَنِكَاحَ الْمُحَلِّلِ وَأَبْطَلَ مَالِكٌ وَأَحْمَد الْبَيْعَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ النِّدَاءِ؛ وَهَذَا بِخِلَافِ الظِّهَارِ الْمُحَرَّمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَفْسَهُ مُحَرَّمٌ؛ كَمَا يَحْرُمُ الْقَذْفُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَسَائِرُ الْأَقْوَالِ الَّتِي هِيَ نَفْسُهَا مُحَرَّمَةٌ: فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْقَسِمَ إلَى صَحِيحٍ وَغَيْرِ صَحِيحٍ؛ بَلْ صَاحِبُهَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِكُلِّ حَالٍ فَعُوقِبَ الْمُظَاهِرُ بِالْكَفَّارَةِ وَلَمْ يَحْصُلْ مَا قَصَدَهُ بِهِ مِنْ الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقْصِدُونَ بِهِ الطَّلَاقَ وَهُوَ مُوجِبُ لَفْظِهِ؛ فَأَبْطَلَ الشَّارِعُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَوْلٌ مُحَرَّمٌ؛ وَأَوْجَبَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ. أَمَّا الطَّلَاقُ فَجِنْسُهُ مَشْرُوعٌ: كَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ؛ فَهُوَ يَحُلُّ تَارَةً وَيَحْرُمُ تَارَةً