للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعُمَرُ لَمَّا نَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ: كَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ؛ بِخِلَافِ نَهْيِهِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَإِنَّ عَلِيًّا وَسَائِرَ الصَّحَابَةِ وَافَقُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَ عَلِيٌّ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إبَاحَةَ الْمُتْعَةِ قَالَ: إنَّك امْرُؤٌ تَائِهٌ؛ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ وَحَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ عَامَ خَيْبَرَ فَأَنْكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إبَاحَةَ الْحُمُرِ وَإِبَاحَةَ مُتْعَةِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُبِيحُ هَذَا وَهَذَا فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ ذَلِكَ وَذَكَرَ لَهُ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ الْمُتْعَةَ وَحَرَّمَ الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ} وَيَوْمَ خَيْبَرَ كَانَ تَحْرِيمُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ. وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْمُتْعَةِ فَإِنَّهُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ. وَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهَا حُرِّمَتْ؛ ثُمَّ أُبِيحَتْ ثُمَّ حُرِّمَتْ. فَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ ثَلَاثًا؛ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَنَفَذْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَنْفَذَهُ عَلَيْهِمْ: هُوَ بَيَانُ أَنَّ النَّاسَ أَحْدَثُوا مَا اسْتَحَقُّوا عِنْدَهُ أَنْ يُنَفِّذَ عَلَيْهِمْ الثَّلَاثَ فَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ كَالنَّهْيِ عَنْ مُتْعَةِ الْفَسْخِ؛ لِكَوْنِ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِالصَّحَابَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ؛ فَإِنَّ هَذَا كَانَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الصَّحَابَةِ بِذَلِكَ. وَبِهَذَا أَيْضًا تَبْطُلُ دَعْوَى مَنْ ظَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخًا كَنَسْخِ مُتْعَةِ النِّسَاءِ. وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ عُمَرَ رَأَى ذَلِكَ لَازِمًا فَهُوَ اجْتِهَادٌ مِنْهُ اجتهده فِي الْمَنْعِ مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ؛ لِظَنِّهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ خَاصًّا